[09/ديسمبر/2018] صنعاء-سبأ: قال عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد النعيمي، إن مواجهة الفساد وأباطرته أولوية وطنية وإستراتيجية في كل مشاريع الدولة والرؤى الوطنية المستقبلية .. مؤكدا أن ذلك لن يتأتى إلا بتطبيقه من أعلى هرم الدولة إلى أسفله، وهذا ما يسعى إليه المجلس السياسي الأعلى. كما أكد النعيمي في الاحتفال بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد التاسع من ديسمبر، نظمته الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد وأطراف المنظومة الوطنية للنزاهة بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي اليوم بصنعاء، دعم المجلس السياسي الأعلى للمنظومة الرقابية في جهودها الرامية لمكافحة الفساد. وأضاف “لا يليق بنا جميعاً أن يظل اليمن في ذيل قائمة الدول في مكافحة الفساد، وعلى الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وضع خطط عملية عاجلة خلال النصف الأول من 2019 للوقاية من الفساد والحد من الإختلالات في القطاعات الإيرادية للدولة وفي المقدمة قطاعات الضرائب والجمارك والواجبات الزكوية والاتصالات “. وأشار إلى أهمية إعداد إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد تنفذ بفاعلية من قبل المنظومة الوطنية لمكافحة الفساد خلال أربع سنوات وتفعيل الهيئات والأجهزة الرقابية والقضائية المعنية بمكافحة الفساد وحماية المال العام واستكمال إصلاح المنظومة التشريعية للقوانين المتعلقة بذلك ووضع عقوبات أكثر فاعلية. وقال النعيمي ” ثرواتنا الوطنية المتمثلة في النفط والغاز تتعرض اليوم وبالأمس القريب والبعيد لأكبر عملية فساد وسرقة من قبل العدوان ومرتزقته، سرقة تاريخية أمام مرأى العالم، في حين يتضور الشعب اليمني جوعاً وهذا الأمر بحاجة إلى مكافحة، فهذا الفساد الدولي لا يسقط بالتقادم، باعتبار الثروة هي ملك لكل أبناء الشعب اليمني”. وأضاف ” ذلك يتطلب استمرارية حثنا للقضاء على سرعة البت في القضايا المتعلقة بالفساد والمال العام وتنفيذ وتحصيل المبالغ المحكوم بها للخزينة العامة ونقترح على القضاء إنشاء مدعي خاص بقضايا الفساد والمال العام حتى يحقق تخصصه فاعلية وانجاز”. ودعا الأجهزة الرقابية ومنظمات المجتمع المدني إعداد برامج توعية مجتمعية لتعزز ثقافة وطنية شاملة طاردة للفساد وتعمل على مكافحته بكل الوسائل وتشجع موظفي الدولة وأفراد المجتمع على الإبلاغ عن جرائم الفساد وتوفير الحماية للمبلغين والشهود. من جانبه أكد نائب رئيس الوزراء وزير المالية، الدكتور حسين مقبولي، أن حكومة الإنقاذ تولي موضوع الفساد والشراكة مع الأجهزة الرقابية في مكافحته عناية خاصة، إيماناً منها بالأهمية البالغة للجهد الجماعي في محاصرة هذه الآفة والحد من آثارها التدميرية على استقرار حاضر ومستقبل الوطن. وقال ” أؤكد باسم حكومة الإنقاذ، الالتزام بالتعاون والتجاوب مع الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد وأطراف المنظومة الرقابية لتفعيل مستوى التزام الوزارات والمؤسسات التابعة لها على إنفاذ النصوص القانونية المعنية بمكافحة الفساد وكذا نصوص اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي كانت اليمن من أولى البلدان التي شاركت في وضعها وانضمت إليها وتعهدت بالعمل بها بعد أن صادق عليها مجلس النواب اليمني”. واعتبر الدكتور مقبولي اليوم العالمي لمكافحة الفساد فرصة مواتية للمؤسسات المختصة الرسمية والمجتمعية والمعنيين والمهتمين بمكافحة الفساد للفت الأنظار صوب هذه الظاهرة الدولية المعقدة من أجل زيادة الوعي العام وتوحيد الجهود ضد الفساد الذي ينخر الأوطان ويهدر الطاقات المادية والبشرية ويشكل عائقاً بالغ الخطورة على نمو المجتمعات وتطورها. وأشار إلى أن أية اجتهادات لمكافحة الفساد خارج الأطر المؤسسية الرقابية والمحاسبية المعنية لن تجدي نفعاً بقدر ما ستكرس وتشرعن لممارسة الفساد واستغلال المفسدين لهذه الثغرة للتسلل منها وممارسة عبثهم ونهبهم لمقدرات الوطن. وفي الاحتفالية التي حضرها القائم بأعمال رئيس مجلس الشورى، محمد حسين العيدروس، ووزراء الدولة لشؤون مجلسي النواب والشورى الدكتور علي أبو حليقة، والزراعة المهندس عبدالملك الثور، والعدل القاضي أحمد عقبات، ووزيرة الدولة رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة، رضية عبدالله، ورئيس الهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات عبدالملك العرشي، ومستشار الرئاسة الدكتور عبدالعزيز الترب، وعدد من أعضاء مجلسي النواب والشورى وهيئة مكافحة الفساد .. أكد القائم بأعمال رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد القاضي نبيل العزاني، الحرص على الاحتفاء باليوم العالمي لمكافحة الفساد بالتنسيق مع المنظومة الوطنية للنزاهة والشراكة مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي “جي آي زد” لتعزيز الوعي المجتمعي وشحذ الهمم لمواجهة الفساد وبناء دولة المؤسسات التي يطمح الجميع إليها. ولفت إلى أن الاحتفال بهذه المناسبة الأممية تحت شعار “أولويات مكافحة الفساد في المرحلة الراهنة” يأتي هذا العام في ظل ظروف استثنائية بالغة التعقيد يمر به الوطن جراء العدوان وما يرافق ذلك من تحديات أمام الأجهزة الرقابية بشكل عام والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بشكل خاص . ولفت إلى أن الهيئة بالرغم مما واجهت من صعوبات للحد من مهامها واستقلالها والنيل من كيانها المؤسسي، أثبتت قدرتها على التماسك في أحلك الظروف وأشدها تعقيداً. وأوضح أن جهود مكافحة الفساد لا يمكن أن يكتب لها النجاح إلا بوجود إستراتيجية وطنية فاعلة ومنظومة وطنية متحدة، رقابية وقضائية ومجتمعية معنية بالنزاهة ومكافحة الفساد تحظى بمختلف أنواع الدعم من قيادة الدولة بعيداً عن الآليات والأدوات والوسائل المتبعة خلال الفترة السابقة التي اتضح أنها لم تجد نفعاً وثبت فشلها بوضوح في مكافحة الفساد. واستعرض القاضي العزاني، أولويات عمل الهيئة في هذه المرحلة والمتمثلة في تعزيز التنسيق والعمل المشترك بين الأجهزة الرقابية المستقلة وأطراف المنظومة الوطنية للنزاهة وتعزيز الشفافية وردم الفجوة القائمة بين تلك الأجهزة، بالإضافة إلى الاهتمام بالخبرات والكفاءات الوطنية والاستعانة بها في إدارات مؤسسات الدولة في مختلف المجالات. وأشار إلى أن هذه الاحتفالية تأتي عقب انتهاء الهيئة من دورة تدريبية نظمتها على مدى أسبوع عن أساسيات ومعايير الرقابة على البنوك بالتعاون مع المعهد الوطني للعلوم الإدارية بمشاركة 21 من القضاة والمختصين في الجهات الرقابية والمحاسبية. وعبر القاضي العزاني عن أمله في أن تخرج هذه الاحتفالية التي تستمر يومين وتناقش عدد من أوراق العمل، بأثر إيجابي لتعزيز دور الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بالتنسيق مع أطراف المنظومة الوطنية للنزاهة. بدوره أشار وزير العدل في كلمة السلطة القضائية، إلى أنه لا يمكن أن تتحقق العدالة إلا إذا تم اجتثاث الفساد من منابعه .. مشيراً إلى أن مكافحة الفساد بحاجة لقدرة ودراية وتضافر الجهود كونه أصبح متجذر في المجتمع ومؤسسات الدولة. وشدد القاضي عقبات على أهمية الوقوف أمام الفساد المتمثل في العدوان الذي يتعرض له اليمن من قبل قوى الطغيان، ما يحتم القضاء على الفساد حتى لا تستغله تلك القوى كذريعة للعدوان على الوطن وأبنائه. في حين أكدت كلمة السلطة التشريعية التي ألقاها عضو مجلس النواب أحمد النويرة، على أن مكافحة الفساد مهمة وطنية عامة تشترك فيها الجهات الرسمية في السلطات الثلاث بمشاركة منظمات المجتمع المدني والمراكز العلمية والأكاديمية وكذا التكوينات الحزبية والقطاعات الجماهيرية .. مبيناً أن هذه الحلقة الشاملة يمكن أن تقضي على الفساد بالفعل إذا ما قامت كل جهة بدورها. واعتبر الفساد اليوم أصبح ظاهرة اجتماعية أكثر من كونها سياسية إلى الحد الذي يبدو فيه أمراً طبيعياً، وأصبح أحد مظاهر الحياة المجتمعية والسياسية والاقتصادية وهو ما أثر ويؤثر على مؤسسات الدولة ويضعف التنمية الاقتصادية ويشوه ويحرف القوانين. وأشار النائب النويرة إلى حرص مجلس النواب على سن القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد وصياغتها بما يتوافق والمعايير الدولية سواء المتعلقة بمكافحة الفساد أو مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب . وأكد حرص مجلس النواب على إعطاء الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المرتبطة بمكافحة الفساد أولوية خاصة. من جهته أكد مستشار برنامج الحكم الرشيد التابع للوكالة الألمانية للتعاون الدولي “جي آي زد”، علي العمودي شراكة البرنامج لليمن في جهود مكافحة الفساد من خلال تنفيذ عدد من الأنشطة والدعم المقدم للأجهزة الرقابية الوطنية كالهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات وذلك خلال المرحلة الأولى من البرنامج بين عامي 2010 و2015. ولفت إلى أن ممارسة السلوكيات الفاسدة تُعد من أكبر المعيقات التنمية الحقيقية في أي بلد كونه يؤدي إلى حرمان المجتمعات من المدارس والمستشفيات وغيرها من الخدمات الحيوية ويقضي على الفرص الاستثمارية ويقوض سيادة القانون ويساعد على انتشار الجريمة. وبين أن المنتدى الاقتصادي العالمي يقدر تكلفة الفساد في العام بـ6ر2 تريليون دولار على الأقل، أي 5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي. وقال ممثل الوكالة الألمانية “تظل مكافحة الفساد تحتل أهمية كبرى في كل الأوقات حتى في هذا الظرف الاستثنائي الذي يمر به اليمن والمتمثل في النزاع وانعدام الأمن والاستقرار، ففي الوضع الإنساني المتدهور أصبحت المساعدات الإنسانية عامل مهم في تخفيف معاناة اليمنيين وهنا يجب التنبه إلى أي سلوكيات فاسدة يجب التخلص منها حتى لا تزيد من معاناة الناس”. من جانبه أكد أمين عام منظمة أوتاد، طاهر الهاتف، في كلمته عن منظمات المجتمع المدني، أن هذه المنظمات تؤمن بأن السلام والفساد لا يجتمعان، وإن اجتمعا يوماً فإن السلام والخير هما الباقيان، والفساد والشر إلى زوال. وقال “إننا في منظمات المجتمع المدني ننشد السلام، سلاماً شفافاً، نزيهاً بلا فساد”، مطالباً الأطراف المتحاورة في مشاورات السويد للسلام، والدول الراعية والمساندة للعملية السلمية في اليمن، الالتزام باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وبجميع المواثيق والمعاهدات الدولية المعنية بالشفافية والحكم الرشيد وعدم الإفلات من العقاب. وفي الاحتفالية، قدم رئيس دائرة التحقيقات بالهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، القاضي مجاهد أحمد عبدالله، عرضاً لما تم انجازه من قبل الهيئة والمنظومة الرقابية من تشريعات وجهود مكافحة الفساد التي تضمنها تقرير مكتب الأمم المتحدة لاستعراض جهود الجمهورية اليمنية لتنفيذ الفصلين الثالث والرابع من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. كما قدم عضو الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد رئيس قطاع التحري والتحقيق، الدكتور مأمون الشامي، ورقة عمل حول أولويات مكافحة الفساد في اليمن في الوضع الراهن، وأثريت الورقة بالنقاشات.