دراسات وأوراق عمل

دور الحكومة في مكافحة الفساد

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين .

في البدء لا بد من إشارة قصيرة إلى أن قضية الفساد إحدى المعوقات والقيود التي تؤثر على الفعاليات التنموية وتبطئ من سير عجلة النمو الاقتصادي.

فحينما أتحدث في مداخلتي أو في ورقتي هذه فأنا أتحدث عن بعض الإجراءات التي اتخذت في الفترة الأخيرة بشأن معالجة أو مكافحة الفساد ،وهنالك  إجراءات مازالت  في إطار الحوار والنقاش وبعضها قد تقدمت بخطوات إلى الأمام ،و سيكون حديثي مركّزاً على ما تم اتخاذه من إجراءات أو إصلاحات  في السنة أو السنتين الأخيرتين لمعرفة  إلى أي مدى  تكون هذه الإجراءات وهذه الفعاليات حاسمة ومعالجة لهذه المشكلة أو على الأقل توقف وتحد  من هذه المشكلة كما قلنا، بالإضافة إلى المشكلات الأخرى التي تواجه عدة تحديات مختلفة.

فهنالك كما هو معروف تحديات كثيرة تواجه التنمية وتواجهنا جميعا سواء كانت متعلقة  بقلة الموارد أو بضعف تأهيل الموارد البشرية  أو في انخفاض مصادر التمويل  وغيرها من المشكلات التي تعاني منها  التنمية .

الحديث عن إجراءات مكافحة الفساد في واقع الأمر لا يمكن أن يتم بمعزلِ عن الحديث عن  الاصلاحا ت  بصورة عامة، إن هذه الإصلاحات في واقع الأمر تستهدف ليس فقط  إحداث النمو الاقتصادي  أو نمو في الحراك السياسي وغيره.

مكافحة الفساد يعني أن نعالج هذه الاختلالات التي تواجه المجتمع ،سواء كانت هذه الاختلالات  في جانبها الاقتصادي أو في جانبها السياسي أو في جانبها الإداري أو القضائي وخلافه،فلابد من النظر إلى  قضية مكافحة الفساد  من هذا الموضوع الشامل أو من هذا  المدخل العام ،يعني إذاً الحديث عن هذه  الإجراءات أو السياسات يأتي في إطار النظر إلى مجمل الإصلاحات التي تم حسمها في المرحلة الأخيرة  ، وهنا لابد من الإشارة إلى بعض هذه الإصلاحات  التي نرى أنها  إصلاحات تعزّز من  قدرة المجتمعات في مكافحة أو مواجهة الفساد  .

ففي الإطار السياسي مثلاً  وفي الإطار الدستوري،هنا أذكر أن هنالك حوار سياسياً يجري الآن  بين أطراف العملية السياسية من معارضة وحكومة وكذلك من فئات مختلفة،هذا الحوار بهدف توسيع عملية المشاركة  السياسية وأيضا  النظر في جملة  التعديلات الدستورية  التي تهدف في نهاية الأمر إلى مزيد من المشاركة السياسية ومزيد من تفعيل دور هذه المؤسسات المختلفة،

فالحوار اليوم يجري في إطار تحويل مجلس الشورى إلى غرفة ثانية  يتم انتخابه بدلا من تعيينه وأعتقد أن هذا الأمر فيه كثير ،كذلك النظر أو إعادة النظر في فترة  الرئاسة من 7 سنوات إلى 5 سنوات  هذا أيضا يعزز من  إطار المشاركة السياسية .

بالنظر أيضا إلى قانون الصحافة هناك مشروع بديل لقانون الصحافة  يوسّع  من دور هذه السلطة الرابعة  وفي الوقت نفسه يقدّم  مزيدا من الضمانات والحماية لممارسي العمل الصحفي،في إطار الإصلاحات التشريعية ،فأقول هنا أن هناك أموراً أعتقد أنها تمثل  تطوراً إيجابيا من ذلك تعديل المادة ( 104 ) من قانون السلطة القضائية لإعطاء نوع من الضمانة لاستقلالية السلطة القضائية ،حيث تم فصل رئاسة مجلس القضاء الأعلى عن رئاسة الجمهورية وأضحى  مجلس القضاء الأعلى يرأسه رئيس المحكمة العُليا .

ومن ثم لاحظنا في الفترة الأخيرة نشاطاً متنامياً في هذا المجلس من خلال الاجتماعات الدورية ،أيضا إعادة تشكيل المجلس بحيث يمارس دوره بشكل فاعل ،وأيضا تم إعادة تشكيل مجلس المحاسبة في إطار مجلس القضاء الأعلى،هذه الإجراءات  أعتقد أنّها هامة  في تعزيز دور القضاء  ليس فقط  من ناحية  استقلاله المالي والإداري  وإنما أيضا في عمله الاعتيادي .

هنالك جملة من التشريعات بعضها صدر في الفترة الأخيرة وبعضها ما زال قيد الحوار والمناقشة  منها مثلا مشروع  قانون  جديد للمعهد العالي للقضاء ،أيضاً هنالك مشروع  تم الإعلان عنه فيما يتعلق  بقانون التحكيم التجاري ،وأيضا هنالك مشروع فيما يتعلق بتعديل قانون المرافعات  وكذلك قائمة النصوص القضائية ولوائح تم إعدادها في الفترة الأخيرة تتعلق بالسلطة القضائية،أكثر من ذلك إن هنالك تفعيل  لإحدى  الهيئات التي كانت  لا تؤدي دورها بشكل إيجابي  وهي هيئة التفتيش القضائي  إذ تم تعيين نائب  لرئيس هيئة التفتيش القضائي  وأصبحت هذه الهيئة ، أو يتوقع منها القيام بدور أكثر فاعلية  في المرحلة القادمة من خلال إجراء  عملية التفتيش القضائي أو الدوري  وكذلك التحقيق في الشكاوي  التي ترفع إليها  وأيضا في النظر إلى  الحركة القضائية  من خلال مجموعة من المعايير التي لا تكون الهدف من الحركة  القضائية  هو الانتقال من موضع إلى أخر وإنما يكون بمعايير  دقيقة تحقق الهدف  من الحركة القضائية.

في مجال القضاء التجاري، كما علمت  تم  إنشاء الشعبة الخاصة في  الشعبة التجارية في أمانة العاصمة  وتم رفد المحاكم  الابتدائية بعدد من  القضاة بهدف تسريع قضايا المال العام .

أيضا تطور إيجابي  فيما يتعلق بقانون المناقصات ، تضمّن وجود هيئة عليا  للمناقصات والمشتريات لا يكون فيها تمثيل للجانب الحكومي حتى يمكن معالجة قضايا الفساد باعتبار هذا القطاع حيويا.

يجب علينا تحسين البنية التحتية والمؤسسية والتنظيمية لمواجهة الفساد  يبقى كيف نطوّر من آلية عملنا  سواء كانت  جهات حكومية أو منظمات مجتمع مدني  أو قطاع خاص ، يجب أن يتكاتف الجميع وتتضافر الجهود في مواجهة هذه المعضلة وهي قضية الفساد .

ونتمنى أيضا من مؤسسات المجتمع المدني  أن تنتقل من مرحلة الطرح العام  لقضايا الفساد  إلى طرح الحلول  وأيضا أن تكون معلوماتها أكثر دقة  حتى لا نشخص المشكلة في غير ما هي عليه .

أكتفي بهذا وشكراً لكم

___________________

قدمت الورقة في ندوة الأخلاقيات البرلمانية وتضارب المصالح التي نظمتها منظمة (برلمانيون يمنيون ضد الفساد) صنعاء 9 – 10 مايو 2007م

بواسطة
د.محمد الحاوري - وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى